روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | التربية الإيمانية للأطفال في عشر ذي الحجة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > التربية الإيمانية للأطفال في عشر ذي الحجة


  التربية الإيمانية للأطفال في عشر ذي الحجة
     عدد مرات المشاهدة: 1736        عدد مرات الإرسال: 0

لا شك أن للعيد بهجة خاصة في نفوس الأطفال، وأنهم يستقبلونه بفرحة لا توصف تستثير فيهم الحماس والترقب والسعادة الصافية، وهذا الفرح والتشوق للعيد يمثل فرصة ذهبية لغرس المعاني الإيمانية وربطها بالمشاعر الإيجابية والأجواء الدافئة والسعيدة لدى الصغار.

وهذه بعض الملامح لدور الأسرة والمربين في التربية الإيمانية للأطفال في أيام عشر ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك:

1= تعظيم العيدين والإقتصار عليهما:

روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذان اليومان؟»، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر» رواه أبو داود.

وقد عرض شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لنقطة هامة في فائدة الإقتصار على العيدين. قال: فالعبدُ إذا أخذَ من غير الأعمال المشروعة بعضَ حاجته، قلَّت رغبتُه في المشروع وإنتفاعه به، بقدر ما إعتاض من غيره، بخلاف من صَرَفَ نهمته وهمَّته إلى المشروع، فإنه تَعْظُمُ مَحبتُه له ومنفعته به، ويتمُّ دينه ويَكملُ إسلامه، ولذا تَجدُ مَن أكثرَ سَمَاعَ القصائد لِطَلَبِ صلاح قلبه، تنقصُ رغبته في سماع القرآن، حتى رُبَّما كَرِهَهُ... ولهذا عظَّمت الشريعة النكيرَ على مَنْ أَحدَث البدع، وكرهتها، لأنَّ البدع لو خرجَ الرجلُ منها كفافاً لا عليه ولا لَهُ، لكانَ الأمرُ خفيفاً، بلْ لابد أنْ يُوجِبَ له فساداً، منهُ: نقصُ منفعة الشريعة في حقِّه، إذ القلبُ لا يَتَّسِعُ للعوض والمعوض منه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في العيدين الجاهليين: «إنَّ الله قد أبدَلَكُم بهما يومين خيراً منهما»، فيبقى إغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدَعة، مانعاً من الإغتذاء، أو مِنْ كمال الإغتذاء بتلك الأعمال الصالحة النافعة الشرعية، فيَفسُدُ عليه حالُه مِن حيثُ لا يشعر، كما يَفسُدُ جَسَدُ المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر، وبهذا يتبين لك بعض ضرر البدع، إقتضاء الصراط المستقيم.

وهذا أمر واضح ومُشاهد فالكبار والصغار عندما تتعدد لديهم الأعياد والإحتفالات لا يعود للعيدين الفطر والأضحى نفس المكانة والأهمية في نفوسهم، بل إن بعض الأسر والمجتمعات التي تحتفل بأعياد المشرق والمغرب قد لا تعير للعيدين أية أهمية، بل قد يقضونها نومًا أو يتفاجئون لاحقًا أن العيد جاء ومرّ!

ومن هنا فإن أول واجب أسري تجاه الأبناء هو الإقتصار على العيدين، وهو ما ينتج عنه تعظيمهما والإحتفاء بهما.

2= فرحتنا تسبقها طاعة:

وهو معنى هام يلمسه الطفل تلقائيًا في البيئة الخيّرة، وينبغي تنبيهه له وربطه به، فعيد الفطر يسبقه شهر رمضان الكريم وما فيه من طاعات وقربات يزداد الإجتهاد فيها كلما دنونا من من إنتهائه وقدوم العيد، في الليالي العشر التي هي خير ليالي الدنيا، وفيها ليلة القدر.

وعيد الأضحى تسبقه وتشمله أعظم أيام الدنيا -العشر الأوائل من ذي الحجة-، التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» رواه الترمذي، وأصله في البخاري.

فمعايشة الطفل لأبويه وأسرته وهم يجتهدون في إغتنام هذه الأيام والليالى الفضلى، وعمارتهم لها بالذكر والصيام والقيام والدعاء والصدقة وأوجه البر المختلفة، ثم إستقبالهم للعيد بإنشراح صدر وتوجه إلى الله أن يقبل أعمالهم يرسخ في وجدانه أن الفرحة ترتبط لدى المسلم بالطاعة، ونصيب الدنيا يجب أن يسبقه ويحيط به ابتغاء الآخرة.. قال تعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77].

3= إستقبال أيام العشر:

بأن يجمع الأبوان أطفالهما في بداية أيام العشر، ويبينوا لهم فضلها، ويعددوا ألوان الطعات المستحبة فيها من ذكر وتهليل وتكبير وصدقات وصيام وصلاة وغيرها.

ومن الجميل أن يضع الأب أو الأم الأحاديث والآيات التي تتحدث عن فضل هذه الأيام في مكان بارز في المنزل، ويعلن عن جائزة بين أفراد أسرته لمن يحفظها.

4= إبراهيم وآل إبراهيم:

يرتبط عيد الأضحى المبارك ونسك الحج ونسك النحر بأبي الأنبياء إبراهيم الخليل وآله صلى الله عليهم وبارك، ومن هنا فإن سرد قصصهم بطريقة مؤثرة وشيقة مليئة بالمعلومات والعاطفة الصادقة في هذه الأيام الطيبة يربط لدى الطفل بين المعاني الإيمانية في قصصهم وبين الحج والنحر والعيد وأيام العشر فتكون أشد تأثيرًا في فؤاده.

وهناك وسائل مختلفة وطرق عديدة لإيصال هذه المعاني للأطفال مثل الحديث والقصة المباشرة، أو إهداء الطفل مجموعات قصصية، أو مشاهدته لها عبر أفلام كارتونية أو برامج إلكترونية، وإن كان لحديث الأبوين مع الصغار وسرد القصة بتأثر منهما يظل أوقع وأفضل، ولعل إجتماع الأسرة في لقاء يومي جذاب للقصة والمسابقة يحقق هذا بشكل عملي وممتع.

ومن المهم التركيز على المعنى الإيماني وإشعار الطفل به، وخاصة الآتي:

ـ يقين إبراهيم: وذلك عبر قصة الذبح، وكيف أنه عليه السلام صدّق الرؤيا ولم يوهن الشيطان عزمه وتصديقه، ومضى إلى أمر ربه لم يتطرق له الشك.. ووعن طريق القصة نربط الرجم في الحج بيقين إبراهيم وقوته في الحق.

ويتعرض المربي لمسيرة إبراهيم عليه السلام حتى وصوله إلى اليقين وسلامة القلب، كقصة إيمانه واهتدائه، ومحاجته لقومه، وكيف نجّاه الله من النار، وقصته مع الطير وكيف أحياها الله له ليطمئن قلبه.

ـ تسليم إسماعيل: يصور المربي قي قصته للطفل كيف أن إسماعيل عليه السلام رغم صغر سنه إلا أن قلبه كان مليئًا بحب الله والتسليم له، فهو نموذج للطفل المسلم المستسلم لربه والذي استحق أن يفديه الله جل في علاه، ويبقي ذكره وذكر إيمانه حتى قيام الساعة.

ـ توكل هاجر: وهو من المعاني العظيمة التي ترتبط بمكة المكرمة والصفا والمروة ومناسك العمرة والحج، فإرتباط الطفل بقصة هاجر عليها السلام وصدق توكلها يقوي لدى الطفل الثقة بالله وحسن عاقبة المتوكل، فهذه بئر زمزم لم تزل ينبوعًا صافيًا طعام طعم وشفاء سقم إكرامًا لهذه السيدة العظيمة.

5= فرحة لا تكتمل إلا بالعطاء:

وهنا لا يكفي تعليم الطفل وتلقينه المعلومة بفريضة صدقة الفطر، ومشروعية ذبح الأضحية، وإنما ينبغي أن يشارك الطفل والنشء في الصدقة والعطاء منذ صغره، فيصطحبه الأب أو الأم في إعطاء الصدقة، وتوزيع اللحم.. مع توجيه المربي بأن المسلم لا تتم سعادته إلا بإسعاد الآخرين، ولا يمكن أن يفرح بالعيد إلا بالعطاء وإدخال السرور على من حوله.

6= صيام يوم عرفة:

من الجميل أن يُشجع الأطفال على صيام يوم عرفة، مع بيان فضله وأنه يُكفر ذنوب العام السابق واللاحق.

7= بهجة العيد:

من المهم جدًا أن يجتهد الأبوان مهما كانت ظروفهما في إسعاد الصغار في يوم العيد، وأن يبدأوا اليوم بصلاة العيد وشهود جمع المسلمين وتكبيرهم، وأن يشاركوا فرحتهم مع غيرهم من العائلة والجيران، وألا ينسوا من حولهم من المتعبين والحزانى في هذا اليوم العظيم ويجتهدوا ليكونوا بلسمًا لجروح غيرهم.

ومن المؤسف أن بعض الأسر تنسى أن للطفل حقًا في الإبتهاج بيوم العيد، وأنه لا يسعد بقضائه في النوم أو الجلوس الممل في البيت، وأنه يتوق للتنزه وزيارة الأهل والتواصل مع الناس.

الكاتب: مي عباس.

المصدر: موقع رسالة المرأة.